القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الطلاق
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12) (الطلاق) 
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ قُدْرَتِهِ التَّامَّة وَسُلْطَانه الْعَظِيم لِيَكُونَ ذَلِكَ بَاعِثًا عَلَى تَعْظِيم مَا شَرَعَ مِنْ الدِّين الْقَوِيم" اللَّه الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ نُوحٍ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ " أَلَمْ تَرَوْا كَيْف خَلَقَ اللَّهُ سَبْع سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا " وَقَوْله تَعَالَى " تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْع وَالْأَرْض وَمَنْ فِيهِنَّ " . وَقَوْله تَعَالَى " وَمِنْ الْأَرْض مِثْلهنَّ " أَيْ سَبْعًا أَيْضًا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْر مِنْ الْأَرْض طَوَّقَهُ مِنْ سَبْع أَرَضِينَ " وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ " خَسَفَ بِهِ إِلَى سَبْع أَرَضِينَ " وَقَدْ ذَكَرْت طُرُقه وَأَلْفَاظه وَعَزْوَهُ فِي أَوَّل الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة عِنْد ذِكْرِ خَلْق الْأَرْض وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة . وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى سَبْعَة أَقَالِيم فَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَة وَأَغْرَقَ فِي النَّزْع وَخَالَفَ الْقُرْآن وَالْحَدِيث بِلَا مُسْتَنَدٍ , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَة الْحَدِيد عِنْد قَوْله تَعَالَى " هُوَ الْأَوَّل وَالْآخِر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن" ذَكَرَ الْأَرَضِينَ السَّبْع وَبُعْدَ مَا بَيْنَهُنَّ وَكَثَافَة كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خَمْسمِائَةِ عَام وَهَكَذَا قَالَ اِبْن مَسْعُود وَغَيْره وَكَذَا فِي الْحَدِيث الْآخَر " مَا السَّمَاوَات السَّبْع وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنهنَّ وَالْأَرَضُونَ السَّبْع وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنهنَّ فِي الْكُرْسِيّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاة بِأَرْضِ فَلَاةٍ " . وَقَالَ اِبْن جَرِير ثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ ثَنَا وَكِيع ثَنَا الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " سَبْع سَمَاوَات وَمِنْ الْأَرْض مِثْلهنَّ " قَالَ لَوْ حَدَّثْتُكُمْ بِتَفْسِيرِهَا لَكَفَرْتُمْ وَكُفْرُكُمْ تَكْذِيبُكُمْ بِهَا وَحَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد ثَنَا يَعْقُوب بْنُ عَبْد اللَّه بْن سَعْد الْقُمِّيّ الْأَشْعَرِيّ عَنْ جَعْفَر بْن أَبِي الْمُغِيرَة الْخُزَاعِيّ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : قَالَ رَجُل لِابْنِ عَبَّاس " اللَّه الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَاوَات وَمِنْ الْأَرْض مِثْلهنَّ " الْآيَة فَقَالَ اِبْن عَبَّاس مَا يُؤَمِّنك إِنْ أَخْبَرْتُك بِهَا فَتَكْفُر . وَقَالَ اِبْن جَرِير ثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى قَالَا ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر ثَنَا شُعْبَة عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة " اللَّه الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَاوَات وَمِنْ الْأَرْض مِثْلهنَّ" قَالَ عَمْرو قَالَ فِي كُلّ أَرْض مِثْل إِبْرَاهِيم وَنَحْو مَا عَلَى الْأَرْض مِنْ الْخَلْق . وَقَالَ اِبْن الْمُثَنَّى فِي حَدِيثه فِي كُلّ سَمَاء إِبْرَاهِيم وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات هَذَا الْأَثَر عَنْ اِبْن عَبَّاس بِأَبْسَط مِنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الْحَافِظ ثَنَا أَحْمَد بْن يَعْقُوب ثَنَا عُبَيْد بْن غَنَّام النَّخَعِيّ أَنَا عَلِيّ بْن حَكِيم ثَنَا شَرِيك عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " اللَّه الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَاوَات وَمِنْ الْأَرْض مِثْلهنَّ" قَالَ سَبْع أَرَضِينَ فِي كُلّ أَرْض نَبِيّ كَنَبِيِّكُمْ وَآدَم كَآدَم وَنُوح كَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيم كَإِبْرَاهِيم وَعِيسَى كَعِيسَى. ثُمَّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيث شُعْبَة عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " اللَّه الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَاوَات وَمِنْ الْأَرْض مِثْلهنَّ" قَالَ فِي كُلّ أَرْض نَحْو إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ إِسْنَاد هَذَا عَنْ اِبْن عَبَّاس صَحِيح وَهُوَ شَاذّ بِمُرَّة لَا أَعْلَم لِأَبِي الضُّحَى عَلَيْهِ مُتَابِعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْإِمَام أَبُو بَكْر عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الدُّنْيَا الْقُرَشِيّ فِي كِتَابه التَّفَكُّر وَالِاعْتِبَار حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن حَاتِم الْمَدَائِنِيّ ثَنَا يَحْيَى بْن سُلَيْمَان عَنْ عُثْمَان بْن أَبِي دهرس قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْتَهَى إِلَى أَصْحَابه وَهُمْ سُكُوت لَا يَتَكَلَّمُونَ فَقَالَ " مَا لَكُمْ لَا تَتَكَلَّمُونَ ؟ " فَقَالُوا نَتَفَكَّر فِي خَلْق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَالَ " فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا تَفَكَّرُوا فِي خَلْق اللَّه وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِيهِ فَإِنَّ بِهَذَا الْمَغْرِب أَرْضًا بَيْضَاء نُورهَا بَيَاضهَا - أَوْ قَالَ بَيَاضهَا نُورهَا - مَسِيرَة الشَّمْس أَرْبَعِينَ يَوْمًا بِهَا خَلْق مِنْ خَلْق اللَّه تَعَالَى لَمْ يَعْصُوا اللَّه طَرْفَة عَيْن قَطُّ " قَالُوا فَأَيْنَ الشَّيْطَان عَنْهُمْ ؟ قَالَ " مَا يَدْرُونَ خُلِقَ الشَّيْطَان أَمْ لَمْ يُخْلَقْ ؟ " قَالُوا أَمِنْ وَلَد آدَم ؟ قَالَ " لَا يَدْرُونَ خُلِقَ آدَم أَمْ لَمْ يُخْلَق ؟ " وَهَذَا حَدِيث مُرْسَل وَهُوَ مُنْكَر جِدًّا وَعُثْمَان بْن أَبِي دهرس ذَكَرَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم فِي كِتَابه فَقَالَ رَوَى عَنْ رَجُل مِنْ آلِ الْحَكَم بْن أَبِي الْعَاص وَعَنْهُ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة وَيَحْيَى بْن سُلَيْم الطَّائِفِيّ وَابْن الْمُبَارَك سَمِعْت أَبِي يَقُول ذَلِكَ . آخِر تَفْسِير سُورَة الطَّلَاق وَلِلَّهِ الْحَمْدِ وَالْمِنَّة .
كتب عشوائيه
- الوقت أنفاس لا تعودالوقت أنفاس لا تعود: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن رأس مال المسلم في هذه الدنيا وقت قصير.. أنفاسٌ محدودة وأيام معدودة.. فمن استثمر تلك اللحظات والساعات في الخير فطوبى له, ومن أضاعها وفرط فيها فقد خسر زمنًا لا يعود إليه أبدًا. وفي هذا العصر الذي تفشى فيه العجز وظهر فيه الميل إلى الدعة والراحة.. جدبٌ في الطاعة وقحطٌ في العبادة وإضاعة للأوقات فيما لا فائدة.. أُقدم هذا الكتاب.. ففيه ملامح عن الوقت وأهميته وكيفية المحافظة عليه وذكر بعض من أهمتهم أعمارهم فأحيوها بالطاعة وعمروها بالعبادة».
المؤلف : عبد الملك القاسم
الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/229496
- من أخلاق الأنبياء عليهم السلاممن أخلاق الأنبياء عليهم السلام : قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - « فقد قرأ ُت الرِّسالة التي بعنوان من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تأليف الشيخ: عبدالعزيز بن محمَّد بن عبدالله السدحان، فوجدتها رسالة مفيدة في موضوعها، جيِّدة في عرضها وأسلوبها، تحث على الاقتداء بالأنبياء ... ».
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/233555
- المداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية وما لحقها من أعمالالمداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية وما لحقها من أعمال : هذه مداخل لمشروع علمي مبارك كبير ، وهو نشر : آثار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - من كتبه ورسائله وفتاويه ، وما لحقها من أعمال من المختصرات والاختيارات ، ونحوها ، وسيرته العطرة ، فهو أعظم مجدد للملة الحنيفية بعد القرون المفضلة الزكية.
المؤلف : بكر بن عبد الله أبو زيد
الناشر : مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحي الخيرية - دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/166553
- صفة العمرةصفة العمرة: قال المؤلف: فهذه رسالة لطيفة نافعة في (صفة العُمْرة مِن الإحْرام حَتى التَّحلل) مع أدعية مختارة من القرآن والسنة. وقد جمعناها تحقيقاً وامتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم كل مسلم ومسلمة بأخذ مناسك الحج والعمرة عنه. وقد أخذناها من كتابنا الجامع (مُخْتصَرُ الفقه الإسْلاميّ) وأفردناها لأهميتها ، وحاجة كل حاج ومعتمر إلى معرفتها.
المؤلف : محمد بن إبراهيم التويجري
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/380416
- انتصار الحقانتصار الحق: رسالة صغيرة عبارة عن محاورة هادفة حصلت بين رجلين كانا متصاحبين رفيقين يدينان بدين الحق، ويشتغلان في طلب العلم فغاب أحدهما مدة طويلة، ثم التقيا فإذا الغائب قد تغيرت أحواله وتبدلت أخلاقه، فسأله صاحبه عن سبب ذلك فإذا هو قد تغلبت عليه دعاية الملحدين الذين يدعون لنبذ الدين ورفض ما جاء به المرسلون.
المؤلف : عبد الرحمن بن ناصر السعدي
الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2161












