القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة آل عمران
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) (آل عمران) 

قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن سُفْيَان وَشُعْبَة عَنْ زُبَيْد الْيَامِيّ عَنْ مُرَّة عَنْ عَبْد اللَّه هُوَ اِبْن مَسْعُود " اِتَّقُوا اللَّه حَقّ تُقَاته " قَالَ : أَنْ يُطَاع فَلَا يُعْصَى وَأَنْ يُذْكَر فَلَا يُنْسَى وَأَنْ يُشْكَر فَلَا يُكْفَر وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح مَوْقُوف وَقَدْ تَابَعَ مُرَّة عَلَيْهِ عَمْرو بْن مَيْمُون عَنْ اِبْن مَسْعُود وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيه مِنْ حَدِيث يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ زُبَيْد عَنْ مُرَّة عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اِتَّقُوا اللَّه حَقّ تُقَاته" أَنْ يُطَاع فَلَا يُعْصَى وَيُشْكَر فَلَا يُكْفَر وَيُذْكَر فَلَا يُنْسَى " وَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث مِسْعَر عَنْ زُبَيْد عَنْ مُرَّة عَنْ اِبْن مَسْعُود مَرْفُوعًا فَذَكَرَهُ ثُمَّ قَالَ : صَحِيح عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ كَذَا قَالَ . وَالْأَظْهَر أَنَّهُ مَوْقُوف وَاَللَّه أَعْلَم . ثُمَّ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : وَرَوَى نَحْوه عَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ وَالرَّبِيع بْن خَيْثَم وَعَمْرو بْن مَيْمُون وَإِبْرَاهِيم النَّخَِيّ وَطَاوُوس وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَأَبِي سِنَان وَالسُّدِّيّ نَحْو ذَلِكَ . وَرُوِيَ عَنْ أَنَس أَنَّهُ قَالَ : لَا يَتَّقِي اللَّه الْعَبْد حَقّ تُقَاته حَتَّى يَخْزُن لِسَانه . وَقَدْ ذَهَبَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَقَتَادَة وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَزَيْد بْن أَسْلَم وَالسُّدِّيّ وَغَيْرهمْ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَة مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى " فَاتَّقُوا اللَّه مَا اِسْتَطَعْتُمْ " وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " اِتَّقُوا اللَّه حَقّ تُقَاته " قَالَ : لَمْ تُنْسَخ وَلَكِنْ " حَقّ تُقَاته " أَنْ يُجَاهِدُوا فِي سَبِيله حَقّ جِهَاده وَلَا تَأْخُذهُمْ فِي اللَّه لَوْمَة لَائِم وَيَقُومُوا بِالْقِسْطِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسهمْ وَآبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " أَيْ حَافِظُوا عَلَى الْإِسْلَام فِي حَال صِحَّتكُمْ وَسَلَامَتكُمْ لِتَمُوتُوا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْكَرِيم قَدْ أَجْرَى عَادَتهُ بِكَرْمِهِ أَنَّهُ مَنْ عَاشَ عَلَى شَيْء مَاتَ عَلَيْهِ وَمَنْ مَاتَ عَلَى شَيْء بُعِثَ عَلَيْهِ فَعِيَاذًا بِاَللَّهِ مِنْ خِلَاف ذَلِكَ. وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا رَوْح حَدَّثَنَا شُعْبَة قَالَ : سَمِعْت سُلَيْمَان عَنْ مُجَاهِد : إِنَّ النَّاس كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَإِنَّ اِبْن عَبَّاس جَالِس مَعَهُ مِحْجَن فَقَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللَّه حَقّ تُقَاته وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " وَلَوْ أَنَّ قَطْرَة مِنْ الزَّقُّوم قُطِرَتْ فِي دَار الدُّنْيَا لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْل الدُّنْيَا مَعَايِشهمْ فَكَيْفَ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ طَعَام إِلَّا مِنْ الزَّقُّوم " وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ وَابْن حِبَّان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ طَرِيق عَنْ شُعْبَة بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَسَن صَحِيح . وَقَالَ الْحَاكِم : عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا وَكِيع حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ زَيْد بْن وَهْب عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد رَبّ الْكَعْبَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَح عَنْ النَّار وَيُدْخَل الْجَنَّة فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّته وَهُوَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَيَأْتِي إِلَى النَّاس مَا يُحِبّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ " . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد أَيْضًا : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ أَبِي سُفْيَان عَنْ جَابِر قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول قَبْل مَوْته بِثَلَاثٍ " لَا يَمُوتَنَّ أَحَدكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِن الظَّنّ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " وَرَوَاهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق الْأَعْمَش بِهِ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا حَسَن بْن مُوسَى حَدَّثَنَا اِبْن لَهِيعَة حَدَّثَنَا يُونُس عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " إِنَّ اللَّه قَالَ أَنَا عِنْد ظَنَّ عَبْدِي بِي فَإِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ فَإِنْ ظَنَّ بِي شَرًّا فَلَهُ " وَأَصْل هَذَا الْحَدِيث ثَابِت فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَقُول اللَّه أَنَا عِنْد ظَنّ عَبْدِي بِي " . وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَزَّار حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك الْقُرَشِيّ حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان عَنْ ثَابِت وَأَحْسَبهُ عَنْ أَنَس قَالَ : كَانَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار مَرِيضًا فَجَاءَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودهُ فَوَافَقَهُ فِي السُّوق فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ " كَيْفَ أَنْتَ يَا فُلَان ؟ " قَالَ : بِخَيْرٍ يَا رَسُول اللَّه أَرْجُو اللَّه وَأَخَاف ذُنُوبِي فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْب عَبْد فِي هَذَا الْمَوْطِن إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّه مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَاف " ثُمَّ قَالَ : لَا نَعْلَم رَوَاهُ عَنْ ثَابِت غَيْر جَعْفَر بْن سُلَيْمَان . وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثه ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ غَرِيب وَكَذَا رَوَاهُ بَعْضهمْ عَنْ ثَابِت مُرْسَلًا . فَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ يُوسُف بْن مَاهَكَ عَنْ حَكِيم بْن حِزَام قَالَ : بَايَعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا أَخِرَّ إِلَّا قَائِمًا وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سُنَنه عَنْ إِسْمَاعِيل بْن مَسْعُود عَنْ خَالِد بْن الْحَارِث عَنْ شُعْبَة بِهِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ فَقَالَ : " بَاب كَيْفَ يَخِرّ لِلسُّجُودِ " ثُمَّ سَاقَهُ مِثْله فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ لَا أَمُوت إِلَّا مُسْلِمًا وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنْ لَا أُقْتَلَ إِلَّا مُقْبِلًا غَيْر مُدْبِر وَهُوَ يَرْجِع إِلَى الْأَوَّل .
كتب عشوائيه
- حب النبي صلى الله عليه وسلم وعلاماتهحب النبي صلى الله عليه وسلم وعلاماته : فإنه مما يجب على المرء أن يكون النبي الكريم - صلوات ربي وسلامه عليه - أحب إليه من الخلق كله. ولهذا ثمرات عظيمة في الدنيا والآخرة، لكن كثيراً من مدعي حبه - صلى الله عليه وسلم - يفرطون فيه، كما أن الكثيرين يحصرون مفهومه في أضيق نطاق؛ لذا كانت هذه الرسالة التي تبين أهمية النبي - صلى الله عليه وسلم - وثمراته، وحقيقته، وذلك من خلال التساؤلات التالية: • ماحكم حب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم؟ • ما ثمراته في الدارين؟ • ما علامات حبه صلى الله عليه وسلم؟ وكيف كان الصحابة - رضي الله عنهم - في ضوء هذه العلامات؟ وكيف نحن؟
المؤلف : فضل إلهي ظهير
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/338843
- كيف أخدم الإسلام؟كيف أخدم الإسلام؟: قال المصنف - حفظه الله -: «إن من شكر هذه النعم القيام ببعض حقوق هذا الدين العظيم، والسعي في رفع رايته وإيصاله إلى الناس، مع استشعار التقصير والعجز عن الوفاء بذلك فاللهم تقبل منا القليل، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين. وما يراه القارئ الفاضل إنما هي قطرات في بحر خدمة الدين ورفعة رايته، وليس لمثلي أن يستقصي الأمر ولكني أدليت بدلوي ونزعت نزعا لا أدعي كماله، والدعوة إلى الله عز وجل ليست خاصة بفئة معينة من الناس لكنها شأن الأمة كلها».
المؤلف : عبد الملك القاسم
الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/228674
- قضايا تهم المرأةقضايا تهم المرأة : فقد رأيت أن أفرد من كتابي «الثمار اليانعة من الكلمات الجامعة» قضايا تهم المرأة، ونحو ربها ودينها ودنياها وآخرتها في الحث «على الزواج وبيان فوائده» والتحذير من غلاء المهور وبيان أضراره، وذكر العلاقات بين الزوجين في نظر الإسلام، وإباحة تعدد الزوجات في الإسلام، ووجوب الحجاب على المرأة المسلمة صيانة لها، وبيان ما يلزم المحدة على زوجها من الأحكام (وذكر خطورة الاختلاط بين الرجال والنساء غير المحارم). (وصفات نساء الجنة) (وصفات نساء النار، والحث على وقاية الأنفس والأهل من النار). «وبيان حكم مصافحة المرأة الأجنبية التي ليس محرما». «وبيان أحكام الحيض والاستحاضة والنفاس». «وما جاء في زكاة الحلي، وبيان تحريم تبرج النساء، واختلاطهن بالرجال والأمر بالحجاب، وأن النساء على النصف من الرجال في بعض الأحكام، وذكر نقد مساواة المرأة بالرجل على ضوء الإسلام».
المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/209159
- التحفة السنية بشرح المقدمة الآجروميةالتحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية: شرح واضح العبارة كثير الأسئلة والتمرينات، قصد به تيسير فهم المقدمة الآجرومية على صغار الطلبة، فهو منهج تعليمي للمبتدئين في علم النحو وقواعد العربية.
المؤلف : محمد محيى الدين عبد الحميد
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/334271
- تفسير ابن كثير [ تفسير القرآن العظيم ]تفسير ابن كثير: تحتوي هذه الصفحة على نسخة وورد، ومصورة pdf، والكترونية مفهرسة، تتميز بسهولة التصفح والوصول إلى الآية من كتاب تفسير ابن كثير - تفسير القرآن العظيم - والذي يعتبر من أفيد كتب التفسير بالرواية، حيث يفسر القرآن بالقرآن، ثم بالأحاديث المشهورة في دواوين المحدثين بأسانيدها، ويتكلم على أسانيدها جرحاً وتعديلاً، فبين ما فيها من غرابة أو نكارة أو شذوذ غالباً، ثم يذكر آثار الصحابة والتابعين. قال السيوطي فيه: « لم يُؤلَّف على نمطه مثلُه ». • ونبشر الزوار الكرام بأنه قد تم ترجمة الكتاب وبعض مختصراته إلى عدة لغات عالمية وقد أضفنا بعضاً منها في موقعنا islamhouse.com
المؤلف : إسماعيل بن عمر بن كثير
المدقق/المراجع : جماعة من المراجعين
الناشر : موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net - دار طيبة للنشر والتوزيع - دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2458