القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الأنبياء

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) (الأنبياء) mp3
الْمَاء كُلّ شَيْء حَيّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ يَقُول تَعَالَى مُنَبِّهًا عَلَى قُدْرَته التَّامَّة وَسُلْطَانه الْعَظِيم فِي خَلْقه الْأَشْيَاء وَقَهْره لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَات فَقَالَ " أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا " أَيْ الْجَاحِدُونَ لِإِلَهِيَّتِهِ الْعَابِدُونَ مَعَهُ غَيْره أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّه هُوَ الْمُسْتَقِلّ بِالْخَلْقِ الْمُسْتَبِدّ بِالتَّدْبِيرِ فَكَيْف يَلِيق أَنْ يُعْبَد مَعَهُ غَيْره أَوْ يُشْرَك بِهِ مَا سِوَاهُ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّ السَّمَوَات وَالْأَرْض كَانَتَا رَتْقًا أَيْ كَانَ الْجَمِيع مُتَّصِلًا بَعْضه بِبَعْضٍ مُتَلَاصِق مُتَرَاكِم بَعْضه فَوْق بَعْض فِي اِبْتِدَاء الْأَمْر فَفَتَقَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ فَجَعَلَ السَّمَوَات سَبْعًا وَالْأَرْض سَبْعًا وَفَصَلَ بَيْن السَّمَاء الدُّنْيَا وَالْأَرْض بِالْهَوَاءِ فَأَمْطَرَتْ السَّمَاء وَأَنْبَتَتْ الْأَرْض وَلِهَذَا قَالَ " وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاء كُلّ شَيْء حَيّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ " أَيْ وَهُمْ يُشَاهِدُونَ الْمَخْلُوقَات تَحْدُث شَيْئًا فَشَيْئًا عِيَانًا وَذَلِكَ كُلّه دَلِيل عَلَى وُجُود الصَّانِع الْفَاعِل الْمُخْتَار الْقَادِر عَلَى مَا يَشَاء . فَفِي كُلّ شَيْء لَهُ آيَة تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِد قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَة قَالَ سُئِلَ اِبْن عَبَّاس : اللَّيْل كَانَ قَبْل أَوْ النَّهَار ؟ فَقَالَ أَرَأَيْتُمْ السَّمَوَات وَالْأَرْض حِين كَانَتَا رَتْقًا هَلْ كَانَ بَيْنهمَا إِلَّا ظُلْمَة ؟ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّيْل قَبْل النَّهَار . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن أَبِي حَمْزَة حَدَّثَنَا حَاتِم عَنْ حَمْزَة بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ يَسْأَلهُ عَنْ السَّمَوَات وَالْأَرْض كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا . قَالَ اِذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْخ فَاسْأَلْهُ . ثُمَّ تَعَالَ فَأَخْبِرْنِي بِمَا قَالَ لَك قَالَ فَذَهَبَ إِلَى اِبْن عَبَّاس فَسَأَلَهُ فَقَالَ اِبْن عَبَّاس نَعَمْ كَانَتْ السَّمَوَات رَتْقًا لَا تُمْطِر وَكَانَتْ الْأَرْض رَتْقًا لَا تُنْبِت فَلَمَّا خَلَقَ لِلْأَرْضِ أَهْلًا فَتَقَ هَذِهِ بِالْمَطَرِ وَفَتَقَ هَذِهِ بِالنَّبَاتِ فَرَجَعَ الرَّجُل إِلَى اِبْن عُمَر فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ اِبْن عُمَر الْآن قَدْ عَلِمْت أَنَّ اِبْن عَبَّاس قَدْ أُوتِيَ فِي الْقُرْآن عِلْمًا صَدَقَ هَكَذَا كَانَتْ قَالَ اِبْن عُمَر قَدْ كُنْت أَقُول مَا يُعْجِبنِي جَرَاءَة اِبْن عَبَّاس عَلَى تَفْسِير الْقُرْآن فَالْآن عَلِمْت أَنَّهُ قَدْ أُوتِيَ فِي الْقُرْآن عِلْمًا وَقَالَ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ كَانَتْ هَذِهِ رَتْقًا لَا تُمْطِر فَأَمْطَرَتْ وَكَانَتْ هَذِهِ رَتْقًا لَا تُنْبِت فَأَنْبَتَتْ وَقَالَ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد سَأَلْت أَبَا صَالِح الْحَنَفِيّ عَنْ قَوْله " أَنَّ السَّمَوَات وَالْأَرْض كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا " قَالَ كَانَتْ السَّمَاء وَاحِدَة فَفَتَقَ مِنْهَا سَبْع سَمَوَات وَكَانَتْ الْأَرْض وَاحِدَة فَفَتَقَ مِنْهَا سَبْع أَرْضِينَ وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَزَادَ وَلَمْ تَكُنْ السَّمَاء وَالْأَرْض مُتَمَاسَّتَيْنِ وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر بَلْ كَانَتْ السَّمَاء وَالْأَرْض مُلْتَزِقَتَيْنِ فَلَمَّا رَفَعَ السَّمَاء وَأَبْرَزَ مِنْهَا الْأَرْض كَانَ ذَلِكَ فَتْقهمَا الَّذِي ذَكَرَ اللَّه فِي كِتَابه وَقَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة كَانَتَا جَمِيعًا فَفَصَلَ بَيْنهمَا بِهَذَا الْهَوَاء وَقَوْله " وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاء كُلّ شَيْء حَيّ " أَيْ أَصْل كُلّ الْأَحْيَاء . قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو الْجُمَاهِر حَدَّثَنَا سَعِيد بْن بَشِير حَدَّثَنَا قَتَادَة عَنْ أَبِي مَيْمُونَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ قَالَ يَا نَبِيّ اللَّه إِذَا رَأَيْتُك قَرَّتْ عَيْنِي وَطَابَتْ نَفْسِي فَأَخْبِرْنَا عَنْ كُلّ شَيْء قَالَ " كُلّ شَيْء خُلِقَ مِنْ مَاء " . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد حَدَّثَنَا هَمَّام عَنْ قَتَادَة عَنْ أَبِي مَيْمُونَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ قُلْت يَا رَسُول اللَّه إِنِّي إِذَا رَأَيْتُك طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي فَأَنْبِئْنِي عَنْ كُلّ شَيْء قَالَ " كُلّ شَيْء خُلِقَ مِنْ مَاء " قَالَ قُلْت أَنْبِئْنِي عَنْ أَمْر إِذَا عَمِلْت بِهِ دَخَلْت الْجَنَّة قَالَ " أَفْشِ السَّلَام وَأَطْعِمْ الطَّعَام وَصِلْ الْأَرْحَام وَقُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نِيَام ثُمَّ اُدْخُلْ الْجَنَّة بِسَلَامٍ" وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْد الصَّمَد وَعَفَّان وَبَهْز عَنْ هَمَّام تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَد وَهَذَا إِسْنَاد عَلَى شَرْط الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا أَنَّ أَبَا مَيْمُونَة مِنْ رِجَال السُّنَن وَاسْمه سُلَيْم وَالتِّرْمِذِيّ يَصِحّ لَهُ وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة عَنْ قَتَادَة مُرْسَلًا وَاَللَّه أَعْلَم .

كتب عشوائيه

  • الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطيةالعقيدة الواسطية : رسالة نفيسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر فيها جمهور مسائل أصول الدين، ومنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي التي يعتمدون عليها في العقائد؛ لذا احتلت مكانة كبيرة بين علماء أهل السنة وطلبة العلم، لما لها من مميزات عدة من حيث اختصار ألفاظها ودقة معانيها وسهولة أسلوبها، وأيضاً ما تميزت به من جمع أدلة أصول الدين العقلية والنقلية، وقد شرحها العديد من أهل العلم، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان - رحمه الله -، وذلك في صورة سؤال وجواب.

    المؤلف : عبد العزيز بن محمد السلمان

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2565

    التحميل :

  • تذكير شباب الإسلام ببر الوالدين وصلة الأرحامتذكير شباب الإسلام ببر الوالدين وصلة الأرحام : جمعت في هذه الرسالة ما تسير مما يتعلق بهذا الموضوع من الأدلة على وجوب بر الوالدين وصلة الأرحام، وتحريم العقوق وقطيعة الرحم، وبيان أنواع البر وفضله وذكر حقوق الوالدين والأقارب والآثار المرتبة على ذلك من ذكر فوائد ووصايا تتعلق بهذا الموضوع.

    المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/209166

    التحميل :

  • ثواب القرب المهداة إلى أموات المسلمين في ضوء الكتاب والسنةثواب القرب المهداة إلى أموات المسلمين في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنِّف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «ثواب القرب المهداة إلى أموات المسلمين» ذكرت فيها أربعة مباحث: المبحث الأول: مفهوم ثواب القُرَبِ لغةً واصطلاحًا. المبحث الثاني: ما يلحق الميت من عمله. المبحث الثالث: وصول ثواب القرب المهداة إلى أموات المسلمين، بيَّنت في هذا المبحث الأدلّة من الكتاب والسة في وصول ثواب القرب المهداة إلى أموات المسلمين. المبحث الرابع: أنواع القرب المهداة إلى أموات المسلمين، ذكرت فيه أقوال أهل العلم في أنواع القرب المهداة إلى أموات المسلمين».

    المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني

    الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/268340

    التحميل :

  • اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتوناللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون، منظومة شعرية في علم مصطلح الحديث، كتبها فضيلة الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي - رحمه الله -.

    المؤلف : حافظ بن أحمد الحكمي

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2477

    التحميل :

  • صرخة .. في مطعم الجامعة!!صرخة .. في مطعم الجامعة!!: رسالة نافعةٌ في صورة قصة تُبيِّن عِظَم مكانة الحجاب للنساء في الإسلام، وتُعطي الوصايا المهمة والنصائح المفيدة للنساء المسلمات بوجوب الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ وذلك بالاحتجاب عن الرجال وعدم الاختلاط.

    المؤلف : محمد بن عبد الرحمن العريفي

    الناشر : موقع الشيخ العريفي www.arefe.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/336097

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share