القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة البقرة
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) (البقرة)
قَالَ السُّدِّيّ فِي تَفْسِيره عَنْ أَبِي مَالِك وَعَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس وَعَنْ مُرَّة الطَّبِيب الْهَمْدَانِيّ عَنْ اِبْن مَسْعُود وَعَنْ أُنَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْض قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ " قَالَ هُمْ الْمُنَافِقُونَ أَمَّا لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْض قَالَ الْفَسَاد هُوَ الْكُفْر وَالْعَمَل بِالْمَعْصِيَةِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله تَعَالَى " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْض " قَالَ يَعْنِي لَا تَعْصُوا فِي الْأَرْض وَكَانَ فَسَادهمْ ذَلِكَ مَعْصِيَة اللَّه لِأَنَّهُ مَنْ عَصَى اللَّه فِي الْأَرْض أَوْ أَمَرَ بِمَعْصِيَتِهِ فَقَدْ أَفْسَدَ فِي الْأَرْض لِأَنَّ صَلَاح الْأَرْض وَالسَّمَاء بِالطَّاعَةِ وَهَكَذَا قَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس وَقَتَادَة وَقَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ مُجَاهِد " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْض " قَالَ إِذَا رَكِبُوا مَعْصِيَة اللَّه فَقِيلَ لَهُمْ لَا تَفْعَلُوا كَذَا وَكَذَا قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ عَلَى الْهُدَى مُصْلِحُونَ . وَقَالَ وَكِيع وَعِيسَى بْن يُونُس وَعَثَّام بْن عَلِيّ عَنْ الْأَعْمَش عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو عَنْ عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه الْأَسَدِيّ عَنْ سَلْمَان الْفَارِسِيّ " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْض قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ" قَالَ سَلْمَان لَمْ يَجِيء أَهْل هَذِهِ الْآيَة بَعْدُ . وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن حَكِيم حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن شَرِيك حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ الْأَعْمَش عَنْ زَيْد بْن وَهْب وَغَيْره عَنْ سَلْمَان الْفَارِسِيّ فِي هَذِهِ الْآيَة قَالَ مَا جَاءَ هَؤُلَاءِ قَالَ اِبْن جَرِير يَحْتَمِل أَنَّ سَلْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَرَادَ بِهَذَا أَنَّ الَّذِينَ يَأْتُونَ بِهَذِهِ الصِّفَة أَعْظَم فَسَادًا مِنْ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَنَّهُ عَنَى أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ مِمَّنْ تِلْكَ صِفَته أَحَد قَالَ اِبْن جَرِير فَأَهْل النِّفَاق مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض بِمَعْصِيَتِهِمْ فِيهَا رَبّهمْ وَرُكُوبهمْ فِيهَا مَا نَهَاهُمْ عَنْ رُكُوبه وَتَضْيِيعهمْ فَرَائِضه وَشَكّهمْ فِي دِينه الَّذِي لَا يُقْبَل مِنْ أَحَد عَمَل إِلَّا بِالتَّصْدِيقِ بِهِ وَالْإِيقَان بِحَقِيقَتِهِ وَكَذِبهمْ الْمُؤْمِنِينَ بِدَعْوَاهُمْ غَيْر مَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ الشَّكّ وَالرَّيْب وَمُظَاهَرَتهمْ أَهْل التَّكْذِيب بِاَللَّهِ وَكُتُبه وَرُسُله عَلَى أَوْلِيَاء اللَّه إِذَا وَجَدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا فَذَلِكَ إِفْسَاد الْمُنَافِقِينَ فِي الْأَرْض وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ مُصْلِحُونَ فِيهَا . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ حَسَن فَإِنَّ مِنْ الْفَسَاد فِي الْأَرْض اِتِّخَاذَ الْمُؤْمِنِينَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضهمْ أَوْلِيَاء بَعْض إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَة فِي الْأَرْض وَفَسَاد كَبِير " فَقَطَعَ اللَّه الْمُوَالَاة بَيْن الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا " ثُمَّ قَالَ " إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار وَلَنْ تَجِد لَهُمْ نَصِيرًا" فَالْمُنَافِق لَمَّا كَانَ ظَاهِره الْإِيمَان اِشْتَبَهَ أَمْره عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَكَانَ الْفَسَاد مِنْ جِهَة الْمُنَافِق حَاصِل لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي غَرَّ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ الَّذِي لَا حَقِيقَة لَهُ وَوَالَى الْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَوْ أَنَّهُ اِسْتَمَرَّ عَلَى حَاله الْأَوَّل لَكَانَ شَرّه أَخَفّ وَلَوْ أَخْلَصَ الْعَمَل لِلَّهِ وَتَطَابَقَ قَوْله وَعَمَله لَأَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْض قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ " أَيْ نُرِيد أَنْ نُدَارِي الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ وَنَصْطَلِح مَعَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كَمَا قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْض قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ " أَيْ إِنَّمَا نُرِيد الْإِصْلَاح بَيْن الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْل الْكِتَاب .
كتب عشوائيه
- مطوية الدعاء من الكتاب والسنةمطوية الدعاء من الكتاب والسنة: فهذه أدعية جامعة نافعة، اختصرها المؤلف - حفظه الله - من كتابه: «الدعاء من الكتاب والسنة».
المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني
الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/339731
- شبهات حول السنةشبهات حول السنة: هذا الكتاب إسهام كريم من العلامة الكبير الشيخ عبد الرزّاق عفيفي في نصرة السنَّة النبويَّة، كتبه قديما في تفنيد شبهات أعدائها وخصومها، فرحمه اللّه رحمة واسعة ورفع درجاته وأعلى منزلته.
المؤلف : عبد الرزاق عفيفي
الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2697
- تحفة أهل الطلب في تجريد أصول قواعد ابن رجبتحفة أهل الطلب في تجريد أصول قواعد ابن رجب : هذا الكتاب يعد صورة مصغرة من أصله وهو قواعد ابن رجب، وحذف منه جملة من خلاف الأصحاب ورواياتهم والمسائل المفرعة عنها تقريبا لطلاب العلم، مع محافظته على جملة القواعد وألفاظها وذكر التقسيمات والأنواع كما ذكر كثيرا من الصور والأمثلة. - اعتنى بتحقيقه : الشيخ خالد بن علي بن محمد المشيقح - أثابه الله -.
المؤلف : عبد الرحمن بن ناصر السعدي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/205541
- أقوال العلماء في المصرف السابع للزكاةأقوال العلماء في المصرف السابع للزكاة « وفي سبيل الله » وشموله سُبل تثبيت العقيدة الإسلامية ومناهضة الأفكار المنحرفة.
الناشر : مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/260218
- تيسير العلام شرح عمدة الأحكامتيسير العلام شرح عمدة الأحكام: هذا الكتاب يحتوي على نخبة منتقاة من أصحّ آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - اختارها المؤلف من صحيحي البخاري ومسلم، ورتبها على الأبواب الفقهية؛ لتكون عوناً على أخذ المسائل من أدلتها الصحيحة، ونظراً لأهمية الكتاب فقد قام فضيلة الشيخ عبد الله البسام - رحمه الله - ببشرحه شرحاً تميز بأسلوب سهل، قريب المأخذ، مفصل المواضيع، فتكلم أولاً على المعنى المجمل متحرياً مطابقة اللفظ، ومبيناً ما طوي تحت الألفاظ من حكمة وتشريع أو توطئة وتمهيد وغيره مما توحيه الجمل والألفاظ، وإذا احتاج المقام إلى توضيح من بعض طرق الحديث التي لم يورده المؤلف أجمله الشارح معه، منبهاً على ذلك، لتتم الفائدة، ويستقيم البحث، ثم يستخرج من الحديث ما يدل عليه من الأحكام والآداب، ثم يذكر ما قوي من خلاف العلماء، مع ذكر أدلتهم ومآخذهم، مع حرصه على بيان حكمة التشريع وجمال الإسلام وسمو أهدافه، وجليل مقاصده، من وراء هذه النصوص، ليقف القارئ على محاسن دينه وشريف أغراضه، ويعرف أنه دين ودولة.
المؤلف : عبد الله بن عبد الرحمن آل بسام
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2098