خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) (الإسراء) mp3
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } قَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَرِير الطَّبَرِيّ : يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا } تَنْزِيهًا لِلَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ وَتَبْرِئَة لَهُ مِمَّا يَقُول فِيهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَنَّ لَهُ مِنْ خَلْقه شَرِيكًا , وَأَنَّ لَهُ صَاحِبَة وَوَلَدًا , وَعُلُوًّا لَهُ وَتَعْظِيمًا عَمَّا أَضَافُوهُ إِلَيْهِ , وَنَسَبُوهُ مِنْ جَهَالَاتهمْ وَخَطَأ أَقْوَالهمْ . وَقَدْ بَيَّنْت فِيمَا مَضَى قَبْل , أَنَّ قَوْله { سُبْحَان } اِسْم وُضِعَ مَوْضِع الْمَصْدَر , فَنُصِبَ لِوُقُوعِهِ مَوْقِعه بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَقَدْ كَانَ بَعْضهمْ يَقُول : نُصِبَ لِأَنَّهُ غَيْر مَوْصُوف , وَلِلْعَرَبِ فِي التَّسْبِيح أَمَاكِن تَسْتَعْمِلهُ فِيهَا . فَمِنْهَا الصَّلَاة , كَانَ كَثِير مِنْ أَهْل التَّأْوِيل يَتَأَوَّلُونَ قَوْل اللَّه : { فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ } : 37 143 فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُصَلِّينَ . وَمِنْهَا الِاسْتِثْنَاء , كَانَ بَعْضهمْ يَتَأَوَّل قَوْل اللَّه تَعَالَى : { أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ } : 68 28 لَوْلَا تَسْتَثْنُونَ , وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ لُغَة لِبَعْضِ أَهْل الْيَمَن , وَيُسْتَشْهَد لِصِحَّةِ تَأْوِيله ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ } 68 17 : 18 قَالَ : { قَالَ أَوْسَطهمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ } 68 28 فَذَكَّرَهُمْ تَرْكهمْ الِاسْتِثْنَاء . وَمِنْهَا النُّور , وَكَانَ بَعْضهمْ يَتَأَوَّل فِي الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْلَا ذَلِكَ لَأَحْرَقَتْ سَبَحَات وَجْهه مَا أَدْرَكَتْ مِنْ شَيْء " أَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ : سَبَحَات وَجْهه : نُور وَجْهه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16613 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ عُثْمَان بْن مَوْهِب , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ التَّسْبِيح أَنْ يَقُول الْإِنْسَان : سُبْحَان اللَّه , قَالَ : " إِنْزَاهُ اللَّه عَنْ السُّوء " . 16614 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عَبْدَة بْن سُلَيْمَان , عَنْ الْحَسَن بْن صَالِح , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : سُبْحَان اللَّه : قَالَ : إِنْكَاف لِلَّهِ . وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ الْآثَار فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ الْكِفَايَة فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا قَبْل . وَالْإِسْرَاء وَالسُّرَى : سَيْر اللَّيْل . فَمَنْ قَالَ : أَسْرَى , قَالَ : يُسْرِي إِسْرَاء ; وَمَنْ قَالَ : سَرَى , قَالَ : يَسْرِي سُرًى , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَلَيْلَة ذَات دُجًى سَرَيْت وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُرَاهَا لَيْتُ وَيُرْوَى : ذَات نَدًى سَرَيْت .

وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { لَيْلًا } مِنْ اللَّيْل . وَكَذَلِكَ كَانَ حُذَيْفَة بْن الْيَمَان يَقْرَؤُهَا . 16615 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : سَمِعْت أَبَا بَكْر بْن عَيَّاش وَرَجُل يُحَدِّث عِنْده بِحَدِيثٍ حِين أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ : لَا تَجِيء بِمِثْلِ عَاصِم وَلَا زِرّ , قَالَ : قَرَأَ حُذَيْفَة : " سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى " وَكَذَا قَرَأَ عَبْد اللَّه .

وَأَمَّا قَوْله : { مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام } فَإِنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَفِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : يَعْنِي مِنْ الْحَرَم , وَقَالَ : الْحَرَم كُلّه مَسْجِد . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كِتَابنَا هَذَا . وَقَالَ : وَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى كَانَ نَائِمًا فِي بَيْت أُمّ هَانِئ اِبْنَة أَبِي طَالِب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16616 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي صَالِح بْن بَاذَام عَنْ أُمّ هَانِئ بِنْت أَبِي طَالِب , فِي مَسْرَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهَا كَانَتْ تَقُول : مَا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ فِي بَيْتِي نَائِم عِنْدِي تِلْكَ اللَّيْلَة , فَصَلَّى الْعِشَاء الْآخِرَة , ثُمَّ نَامَ وَنِمْنَا , فَلَمَّا كَانَ قُبَيْل الْفَجْر , أَهَبَّنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْح وَصَلَّيْنَا مَعَهُ قَالَ : " يَا أُمّ هَانِئ لَقَدْ صَلَّيْت مَعَكُمْ الْعِشَاء الْآخِرَة كَمَا رَأَيْت لِهَذَا الْوَادِي , ثُمَّ جِئْت بَيْت الْمَقْدِس فَصَلَّيْت فِيهِ , ثُمَّ صَلَّيْت صَلَاة الْغَدَاة مَعَكُمْ الْآن كَمَا تَرَيْنَ " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ الْمَسْجِد , وَفِيهِ كَانَ حِين أُسْرِيَ بِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16617 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عَدِيّ , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , عَنْ مَالِك بْن صَعْصَعَة , وَهُوَ رَجُل مِنْ قَوْمه قَالَ : قَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَيْنَا أَنَا عِنْد الْبَيْت بَيْن النَّائِم وَالْيَقْظَان , إِذْ سَمِعْت قَائِلًا يَقُول , أَحَد الثَّلَاثَة , فَأَتَيْت بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَب فِيهَا مِنْ مَاء زَمْزَم , فَشَرَحَ صَدْرِي إِلَى كَذَا وَكَذَا " قَالَ قَتَادَة : قُلْت : مَا يَعْنِي بِهِ ؟ قَالَ : إِلَى أَسْفَل بَطْنه ; قَالَ : " فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي فَغَسَلَ بِمَاءِ زَمْزَم ثُمَّ أُعِيدَ مَكَانه , ثُمَّ حُشِيَ إِيمَانًا وَحِكْمَة , ثُمَّ أَتَيْت بِدَابَّةٍ أَبْيَض " , وَفِي رِوَايَة أُخْرَى : " بِدَابَّةٍ بَيْضَاء يُقَال لَهُ الْبُرَاق , فَوْق الْحِمَار وَدُون الْبَغْل , يَقَع خَطْوه مُنْتَهَى طَرَفه , فَحَمَلْت عَلَيْهِ , ثُمَّ اِنْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا إِلَى بَيْت الْمَقْدِس فَصَلَّيْت فِيهِ بِالنَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ إِمَامًا , ثُمَّ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا " . ... فَذَكَرَ الْحَدِيث . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا خَالِد بْن الْحَارِث , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , عَنْ مَالِك , يَعْنِي اِبْن صَعْصَعَة رَجُل مِنْ قَوْمه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , عَنْ مَالِك بْن صَعْصَعَة رَجُل مِنْ قَوْمه , قَالَ : قَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . 16618 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : ثني عَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْحَسَن بْن أَبِي الْحَسَن , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَيْنَا أَنَا نَائِم فِي الْحِجْر جَاءَنِي جِبْرِيل فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ , فَجَلَسْت فَلَمْ أَرَ شَيْئًا , فَعُدْت لِمَضْجَعِي , فَجَاءَنِي الثَّانِيَة فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ , فَجَلَسْت فَلَمْ أَرَ شَيْئًا , فَعُدْت لِمَضْجَعِي , فَجَاءَنِي الثَّالِثَة فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ , فَجَلَسْت , فَأَخَذَ بِعَضُدِي فَقُمْت مَعَهُ , فَخَرَجَ بِي إِلَى بَاب الْمَسْجِد , فَإِذَا دَابَّة بَيْضَاء بَيْن الْحِمَار وَالْبَغْل , لَهُ فِي فَخِذَيْهِ جَنَاحَانِ يَحْفِز بِهِمَا رِجْلَيْهِ , يَضَع يَده فِي مُنْتَهَى طَرَفه , فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ مَعِي , لَا يَفُوتنِي وَلَا أَفُوتهُ " . 16619 - حَدَّثَنَا الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , عَنْ سُلَيْمَان بْن بِلَال , عَنْ شَرِيك بْن أَبِي نِمْر , قَالَ : سَمِعْت أَنَسًا يُحَدِّثنَا عَنْ لَيْلَة الْمَسْرَى بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِد الْكَعْبَة أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَة نَفَر قَبْل أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِم فِي الْمَسْجِد الْحَرَام , فَقَالَ أَوَّلهمْ : أَيّهمْ هُوَ ؟ قَالَا أَوْسَطهمْ : هُوَ خَيْرهمْ , فَقَالَ أَحَدهمْ : خُذُوا خَيْرهمْ , فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَة , فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَة أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبه - وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَام عَيْنَاهُ , وَلَا يَنَام قَلْبه . وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء تَنَام أَعْيُنهمْ , وَلَا تَنَام قُلُوبهمْ - فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى اِحْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْد بِئْر زَمْزَم , فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام , فَشَقَّ مَا بَيْن نَحْره إِلَى لَبَّته , حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْره وَجَوْفه , فَغَسَلَهُ مِنْ مَاء زَمْزَم حَتَّى أَنْقَى جَوْفه , ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَب فِيهِ تَوْر مَحْشُوّ إِيمَانًا وَحِكْمَة , فَحَشَا بِهِ جَوْفه وَصَدْره وَلَغَادِيده , ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ رَكِبَ الْبُرَاق , فَسَارَ حَتَّى أَتَى بِهِ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس فَصَلَّى فِيهِ بِالنَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ إِمَامًا , ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا , فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابهَا , فَنَادَاهُ أَهْل السَّمَاء : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا جَبْرَائِيل , قِيلَ : مَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد , قِيلَ : أَوَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا , فَيَسْتَبْشِر بِهِ أَهْل السَّمَاء , لَا يَعْلَم أَهْل السَّمَاء بِمَا يُرِيد اللَّه بِأَهْلِ الْأَرْض حَتَّى يُعَلِّمهُمْ , فَوَجَدَ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا آدَم , فَقَالَ لَهُ جَبْرَائِيل : هَذَا أَبُوك , فَسَلَّمَ عَلَيْهِ , فَرَدَّ عَلَيْهِ , فَقَالَ : مَرْحَبًا بِك وَأَهْلًا يَا بُنَيّ , فَنِعْمَ الِابْن أَنْتَ , ثُمَّ مَضَى بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة , فَاسْتَفْتَحَ جَبْرَائِيل بَابًا مِنْ أَبْوَابهَا , فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : جَبْرَائِيل , قِيلَ : وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد , قِيلَ : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ , فَقِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا , فَفُتِحَ لَهُمَا ; فَلَمَّا صَعِدَ فِيهَا فَإِذَا هُوَ بِنَهَرَيْنِ يَجْرِيَانِ , فَقَالَ : مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جَبْرَائِيل ؟ قَالَ : هَذَا النِّيل وَالْفُرَات عُنْصُرهمَا ; ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة , فَاسْتَفْتَحَ جَبْرَائِيل بَابًا مِنْ أَبْوَابهَا , فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جَبْرَائِيل , قِيلَ : وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد , قِيلَ : أَوَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ , قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا , فَفُتِحَ لَهُ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ عَلَيْهِ قِبَاب وَقُصُور مِنْ لُؤْلُؤ وَزَبَرْجَد وَيَاقُوت , وَغَيْر ذَلِكَ مَا لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه , فَذَهَبَ يَشُمّ تُرَابه , فَإِذَا هُوَ مِسْك أَذْفَر , فَقَالَ : يَا جَبْرَائِيل مَا هَذَا الْمَهْر ؟ قَالَ : هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي خَبَّأَ لَك رَبّك فِي الْآخِرَة ; ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَة , فَقَالُوا بِهِ مِثْل ذَلِكَ ; ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى الْخَامِسَة , فَقَالُوا لَهُ مِثْل ذَلِكَ ; ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّادِسَة , فَقَالُوا لَهُ مِثْل ذَلِكَ ; ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّابِعَة , فَقَالُوا لَهُ مِثْل ذَلِكَ , وَكُلّ سَمَاء فِيهَا أَنْبِيَاء قَدْ سَمَّاهُمْ أَنَس , فَوَعَيْت مِنْهُمْ إِدْرِيس فِي الثَّانِيَة , وَهَارُون فِي الرَّابِعَة , وَآخَر فِي الْخَامِسَة لَمْ أَحْفَظ اِسْمه , وَإِبْرَاهِيم فِي السَّادِسَة , وَمُوسَى فِي السَّابِعَة بِتَفْضِيلِ كَلَامه اللَّه , فَقَالَ مُوسَى : رَبّ لَمْ أَظُنّ أَنْ يُرْفَع عَلَيَّ أَحَد ! ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْق ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه , حَتَّى جَاءَ سِدْرَة الْمُنْتَهَى , وَدَنَا بَاب الْجَبَّار رَبّ الْعِزَّة , فَتَدَلَّى فَكَانَ قَاب قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى , فَأَوْحَى إِلَى عَبْده مَا شَاءَ , وَأَوْحَى اللَّه فِيمَا أَوْحَى خَمْسِينَ صَلَاة عَلَى أُمَّته كُلّ يَوْم وَلَيْلَة , ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد مَاذَا عَهِدَ إِلَيْك رَبّك ؟ قَالَ : " عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاة عَلَى أُمَّتِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَة " ; قَالَ : إِنَّ أُمَّتك لَا تَسْتَطِيع ذَلِكَ , فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْك وَعَنْهُمْ , فَالْتَفَتَ إِلَى جَبْرَائِيل كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرهُ فِي ذَلِكَ , فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ نَعَمْ , فَعَادَ بِهِ جَبْرَائِيل حَتَّى أَتَى الْجَبَّار عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ مَكَانه , فَقَالَ : " رَبّ خَفِّفْ عَنَّا , فَإِنَّ أُمَّتِي لَا تَسْتَطِيع هَذَا " , فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْر صَلَوَات ; ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَاحْتَبَسَهُ , فَلَمْ يَزُلْ يُرَدِّدهُ مُوسَى إِلَى رَبّه حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْس صَلَوَات , ثُمَّ اِحْتَبَسَهُ عِنْد الْخَمْس , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد قَدْ وَاَللَّه رَاوَدْت بَنِي إِسْرَائِيل عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الْخَمْس , فَضَعُفُوا وَتَرَكُوهُ , فَأُمَّتك أَضْعَف أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا , فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْك رَبّك , كُلّ ذَلِكَ يَلْتَفِت إِلَى جَبْرَائِيل لِيُشِيرَ عَلَيْهِ , وَلَا يَكْرَه ذَلِكَ جَبْرَائِيل , فَرَفَعَهُ عِنْد الْخَمْس , فَقَالَ : " يَا رَبّ إِنَّ أُمَّتِي ضِعَاف أَجْسَادهمْ وَقُلُوبهمْ وَأَسْمَاعهمْ وَأَبْصَارهمْ , فَخَفِّفْ عَنَّا " , قَالَ الْجَبَّار جَلَّ جَلَاله : يَا مُحَمَّد , قَالَ : " لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْك " , فَقَالَ : إِنِّي لَا يُبَدَّل الْقَوْل لَدَيَّ كَمَا كَتَبْت عَلَيْك فِي أُمّ الْكِتَاب , وَلَك بِكُلِّ حَسَنَة عَشْر أَمْثَالهَا , وَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمّ الْكِتَاب , وَهِيَ خَمْس عَلَيْك ; فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى , فَقَالَ : كَيْف فَعَلْت ؟ فَقَالَ : " خَفَّفَ عَنِّي , أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَة عَشْر أَمْثَالهَا " , قَالَ : قَدْ وَاَللَّه رَاوَدَنِي بَنِي إِسْرَائِيل عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَتَرَكُوهُ فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْك أَيْضًا , قَالَ : " يَا مُوسَى قَدْ وَاَللَّه اِسْتَحْيَيْت مِنْ رَبِّي مِمَّا أَخْتَلِف إِلَيْهِ " , قَالَ : فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّه , فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَسْرَى بِعَبْدِهِ مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام , وَالْمَسْجِد الْحَرَام هُوَ الَّذِي يَتَعَارَفهُ النَّاس بَيْنهمْ إِذَا ذَكَرُوهُ , وَقَوْله : { إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى } يَعْنِي : مَسْجِد بَيْت الْمَقْدِس , وَقِيلَ لَهُ : الْأَقْصَى , لِأَنَّهُ أَبْعَد الْمَسَاجِد الَّتِي تُزَار , وَيَنْبَغِي فِي زِيَارَته الْفَضْل بَعْد الْمَسْجِد الْحَرَام . فَتَأْوِيل الْكَلَام تَنْزِيهًا لِلَّهِ , وَتَبْرِئَة لَهُ مَا نَحَلَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْإِشْرَاك وَالْأَنْدَاد وَالصَّاحِبَة , وَمَا يَجِلّ عَنْهُ جَلَّ جَلَاله , الَّذِي سَارَ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ بَيْته الْحَرَام إِلَى بَيْته الْأَقْصَى . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي صِفَة إِسْرَاء اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى , فَقَالَ بَعْضهمْ : أَسْرَى اللَّه بِجَسَدِهِ , فَسَارَ بِهِ لَيْلًا عَلَى الْبُرَاق مِنْ بَيْته الْحَرَام إِلَى بَيْته الْأَقْصَى حَتَّى أَتَاهُ , فَأَرَاهُ مَا شَاءَ أَنْ يُرِيه مِنْ عَجَائِب أَمْره وَعِبَره وَعَظِيم سُلْطَانه , فَجَمَعْت لَهُ بِهِ الْأَنْبِيَاء , فَصَلَّى بِهِمْ هُنَالِكَ , وَعُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاء حَتَّى صَعِدَ بِهِ فَوْق السَّمَاوَات السَّبْع , وَأَوْحَى إِلَيْهِ هُنَالِكَ مَا شَاءَ أَنْ يُوحِي ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام مِنْ لَيْلَته , فَصَلَّى بِهِ صَلَاة الصُّبْح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ , وَذَكَرَ بَعْض الرِّوَايَات الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَصْحِيحِهِ : 16620 - حَدَّثَنَا يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس بْن يَزِيد , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن الْمُسَيَّب وَأَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْرِيَ بِهِ عَلَى الْبُرَاق , وَهِيَ دَابَّة إِبْرَاهِيم الَّتِي كَانَ يَزُور عَلَيْهَا الْبَيْت الْحَرَام , يَقَع حَافِرهَا مَوْضِع طَرَفهَا , قَالَ : فَمَرَّتْ بِعِيرٍ مِنْ عِيرَات قُرَيْش بِوَادٍ مِنْ تِلْكَ الْأَوْدِيَة , فَنَفَرَتْ الْعِير , وَفِيهَا بَعِير عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ : سَوْدَاء , وَزَرْقَاء , حَتَّى أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيلِيَاء فَأُتِيَ بِقَدَحَيْنِ : قَدَح خَمْر , وَقَدَح لَبَن , فَأَخَذَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَح اللَّبَن , فَقَالَ لَهُ جَبْرَائِيل : هُدِيت إِلَى الْفِطْرَة , لَوْ أَخَذْت قَدَح الْخَمْر غَوَتْ أُمَّتك . قَالَ اِبْن شِهَاب : فَأَخْبَرَنِي اِبْن الْمُسَيَّب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ هُنَاكَ إِبْرَاهِيم وَعِيسَى , فَنَعَتَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " فَأَمَّا مُوسَى فَضَرْب رَجِل الرَّأْس كَأَنَّهُ مِنْ رِجَال شَنُوءَة , وَأَمَّا عِيسَى فَرَجِل أَحْمَر كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاس , فَأَشْبَه مَنْ رَأَيْت بِهِ عُرْوَة بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ ; وَأَمَّا إِبْرَاهِيم فَأَنَا أَشْبَه وَلَده بِهِ " ; فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَدَّثَ قُرَيْشًا أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ . قَالَ عَبْد اللَّه : فَارْتَدَّ نَاس كَثِير بَعْد مَا أَسْلَمُوا , قَالَ أَبُو سَلَمَة : فَأَتَى أَبُو بَكْر الصِّدِّيق , فَقِيلَ لَهُ : هَلْ لَك فِي صَاحِبك , يَزْعُم أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس ثُمَّ رَجَعَ فِي لَيْلَة وَاحِدَة , قَالَ أَبُو بَكْر : أَوَقَالَ ذَلِكَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : فَأَشْهَد إِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ , قَالُوا : أَفَتَشْهَد أَنَّهُ جَاءَ الشَّام فِي لَيْلَة وَاحِدَة ؟ قَالَ : إِنِّي أُصَدِّقهُ بِأَبْعَد مِنْ ذَلِكَ , أُصَدِّقهُ بِخَبَرِ السَّمَاء . قَالَ أَبُو سَلَمَة : سَمِعْت جَابِر بْن عَبْد اللَّه يَقُول : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْش قُمْت فَمَثَّلَ اللَّه لِي بَيْت الْمَقْدِس , فَطَفِقْت أُخْبِرهُمْ عَنْ آيَاته وَأَنَا أَنْظُر إِلَيْهِ " . 16621 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني يَعْقُوب بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن هَاشِم بْن عُتْبَة بْن أَبِي وَقَّاص , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : لَمَّا جَاءَ جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِالْبُرَاقِ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَأَنَّهَا ضَرَبَتْ بِذَنَبِهَا , فَقَالَ لَهَا جَبْرَائِيل : مَهْ يَا بُرَاق , فَوَاَللَّهِ إِنْ رَكِبَك مِثْله ; فَسَارَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ نَاءٍ عَنْ الطَّرِيق : أَيْ عَلَى جَنْب الطَّرِيق . قَالَ أَوْ جَعْفَر : يَنْبَغِي أَنْ يُقَال : نَائِيَة , وَلَكِنْ أَسْقَطَ مِنْهَا التَّأْنِيث . فَقَالَ : " مَا هَذِهِ يَا جَبْرَائِيل ؟ " قَالَ : سِرْ يَا مُحَمَّد , فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَسِير , فَإِذَا شَيْء يَدْعُوهُ مُتَنَحِّيًا عَنْ الطَّرِيق يَقُول : هَلُمَّ يَا مُحَمَّد , قَالَ جَبْرَائِيل : سِرْ يَا مُحَمَّد , فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَسِير ; قَالَ : ثُمَّ لَقِيَهُ خَلْق مِنْ الْخَلَائِق , فَقَالَ أَحَدهمْ : السَّلَام عَلَيْك يَا أَوَّل , وَالسَّلَام عَلَيْك يَا آخِر , وَالسَّلَام عَلَيْك يَا حَاشِر , فَقَالَ لَهُ جَبْرَائِيل : اُرْدُدْ السَّلَام يَا مُحَمَّد , قَالَ : فَرَدَّ السَّلَام ; ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّانِي , فَقَالَ لَهُ مِثْل مَقَالَة الْأَوَّلِينَ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى بَيْت الْمَقْدِس , فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَاء وَاللَّبَن وَالْخَمْر , فَتَنَاوَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّبَن , فَقَالَ لَهُ جَبْرَائِيل : أَصَبْت يَا مُحَمَّد الْفِطْرَة , وَلَوْ شَرِبْت الْمَاء لَغَرِقْت وَغَرِقَتْ أُمَّتك , وَلَوْ شَرِبْت الْخَمْر لَغَوَيْت وَغَوَتْ أُمَّتك . ثُمَّ بَعَثَ لَهُ آدَم فَمَنْ دُونه مِنْ الْأَنْبِيَاء , فَأَمَّهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَة , ثُمَّ قَالَ لَهُ جَبْرَائِيل : أَمَّا الْعَجُوز الَّتِي رَأَيْت عَلَى جَانِب الطَّرِيق , فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ عُمْر تِلْكَ الْعَجُوز , وَأَمَّا الَّذِي أَرَادَ أَنْ تَمِيل إِلَيْهِ , فَذَاكَ عَدُوّ اللَّه إِبْلِيس , أَرَادَ أَنْ تَمِيل إِلَيْهِ ; وَأَمَّا الَّذِينَ سَلَّمُوا عَلَيْك , فَذَاكَ إِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى . 16622 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة الرِّيَاحِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَوْ غَيْره - شَكَّ أَبُو جَعْفَر - فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْله , لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيع الْبَصِير } قَالَ . جَاءَ جَبْرَائِيل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ مِيكَائِيل , فَقَالَ جَبْرَائِيل لِمِيكَائِيل : اِئْتِنِي بِطَسْتٍ مِنْ مَاء زَمْزَم كَيْمَا أُطَهِّر قَلْبه , وَأَشْرَح لَهُ صَدْره , قَالَ : فَشَقَّ عَنْ بَطْنه , فَغَسَلَهُ ثَلَاث مَرَّات , وَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ مِيكَائِيل بِثَلَاثِ طَسَّات مِنْ مَاء زَمْزَم , فَشَرَحَ صَدْره , وَنَزَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ غِلّ , وَمَلَأَهُ حِلْمًا وَعِلْمًا وَإِيمَانًا وَيَقِينًا وَإِسْلَامًا , وَخَتَمَ بَيْن كَتِفَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّة , ثُمَّ أَتَاهُ بِفَرَسٍ فَحَمَلَ عَلَيْهِ كُلّ خُطْوَة مِنْهُ مُنْهَى طَرَفه وَأَقْصَى بَصَره . قَالَ : فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام , فَأَتَى عَلَى قَوْم يَزْرَعُونَ فِي يَوْم وَيَحْصُدُونَ فِي يَوْم , كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا جَبْرَائِيل مَا هَذَا ؟ " قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه , تُضَاعَف لَهُمْ الْحَسَنَة بِسَبْعِ مِائَة ضِعْف , وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ شَيْء فَهُوَ يُخْلِفهُ وَهُوَ خَيْر الرَّازِقِينَ ; ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم تُرْضَخ رُءُوسهمْ بِالصَّخْرِ , كُلَّمَا رَضَخَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ , لَا يُفَتَّر عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , فَقَالَ : " مَا هَؤُلَاءِ يَا جَبْرَائِيل ؟ " قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَل رُءُوسهمْ عَنْ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة ; ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم عَلَى أَقْبَالهمْ رِقَاع , وَعَلَى أَدْبَارهمْ رِقَاع , يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَح الْإِبِل وَالْغَنَم , وَيَأْكُلُونَ الضَّرِيع وَالزَّقُّوم وَرَضَف جَهَنَّم وَحِجَارَتهَا , قَالَ : " مَا هَؤُلَاءِ يَا جَبْرَائِيل ؟ " قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ صَدَقَات أَمْوَالهمْ , وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّه شَيْئًا , وَمَا اللَّه بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ; ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم بَيْن أَيْدِيهمْ لَحْم نَضِيج فِي قُدُور , وَلَحْم آخَر نِيء قَذِر خَبِيث , فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ النِّيء , وَيَدَعُونَ النَّضِيج الطَّيِّب , فَقَالَ : " مَا هَؤُلَاءِ يَا جَبْرَائِيل ؟ " قَالَ : هَذَا الرَّجُل مِنْ أُمَّتك , تَكُون عِنْده الْمَرْأَة الْحَلَال الطَّيِّب , فَيَأْتِي اِمْرَأَة خَبِيثَة فَيَبِيت عِنْدهَا حَتَّى يُصْبِح , وَالْمَرْأَة تَقُوم مِنْ عِنْد زَوْجهَا حَلَالًا طَيِّبًا , فَتَأْتِي رَجُلًا خَبِيثًا , فَتَبِيت مَعَهُ حَتَّى تُصْبِح . قَالَ : ثُمَّ أَتَى عَلَى خَشَبَة فِي الطَّرِيق لَا يَمُرّ بِهَا ثَوْب إِلَّا شَقَّتْهُ , وَلَا شَيْء إِلَّا خَرَقَتْهُ , قَالَ : " مَا هَذَا يَا جَبْرَائِيل ؟ " قَالَ : هَذَا مَثَل أَقْوَام مِنْ أُمَّتك يَقْعُدُونَ عَلَى الطَّرِيق فَيَقْطَعُونَهُ . ثُمَّ قَرَأَ : { وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاط تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ } 7 86 الْآيَة . ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُل قَدْ جَمَعَ حُزْمَة حَطَب عَظِيمَة لَا يَسْتَطِيع حَمْلهَا , وَهُوَ يَزِيد عَلَيْهَا , فَقَالَ : " مَا هَذَا يَا جَبْرَائِيل ؟ " قَالَ : هَذَا الرَّجُل مِنْ أُمَّتك تَكُون عِنْده أَمَانَات النَّاس لَا يَقْدِر عَلَى أَدَائِهَا , وَهُوَ يَزِيد عَلَيْهَا , وَيُرِيد أَنْ يَحْمِلهَا , فَلَا يَسْتَطِيع ذَلِكَ ; ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم تُقْرَض أَلْسِنَتهمْ وَشِفَاههمْ بِمَقَارِيض مِنْ حَدِيد , كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ لَا يُفَتَّر عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , قَالَ : " مَا هَؤُلَاءِ يَا جَبْرَائِيل ؟ " فَقَالَ : هَؤُلَاءِ خُطَبَاء أُمَّتك خُطَبَاء الْفِتْنَة يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ; ثُمَّ أَتَى عَلَى جُحْر صَغِير يَخْرُج مِنْهُ ثَوْر عَظِيم , فَجَعَلَ الثَّوْر يُرِيد أَنْ يَرْجِع مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلَا يَسْتَطِيع , فَقَالَ : " مَا هَذَا يَا جَبْرَائِيل ؟ " قَالَ : هَذَا الرَّجُل يَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَة , ثُمَّ يَنْدَم عَلَيْهَا , فَلَا يَسْتَطِيع أَنْ يَرُدّهَا ; ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ , فَوَجَدَ رِيحًا طَيِّبَة بَارِدَة , وَفِيهِ رِيح الْمِسْك , وَسَمِعَ صَوْتًا , فَقَالَ : " يَا جَبْرَائِيل مَا هَذِهِ الرِّيح الطَّيِّبَة الْبَارِدَة وَهَذِهِ الرَّائِحَة الَّتِي كَرِيحِ الْمِسْك , وَمَا هَذَا الصَّوْت ؟ " قَالَ : هَذَا صَوْت الْجَنَّة تَقُول : يَا رَبّ آتِنِي مَا وَعَدْتنِي , فَقَدْ كَثُرَتْ غُرَفِي وَإِسْتَبْرَقِي وَحَرِيرِي وَسُنْدُسِي وَعَبْقَرِيّ , وَلُؤْلُئِي وَمَرْجَانِي , وَفِضَّتِي وَذَهَبِي , وَأَكْوَابِي وَصِحَافِي وَأَبَارِيقِي , وَفَوَاكِهِي وَنَخْلِي وَرُمَّانِي , وَلِبَنِي وَخَمْرِي , فَآتِنِي مَا وَعَدْتنِي , فَقَالَ : لَك كُلّ مُسْلِم وَمُسْلِمَة , وَمُؤْمِن وَمُؤْمِنَة , وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي , وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَمْ يُشْرِك بِي , وَلَمْ يَتَّخِذ مِنْ دُونِي أَنْدَادًا , وَمَنْ خَشِيَنِي فَهُوَ آمِن , وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْته , وَمَنْ أَقْرَضَنِي جَزَيْته , وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلِيّ كَفَيْته , إِنِّي أَنَا اللَّه لَا إِلَه إِلَّا أَنَا لَا أُخْلِف الْمِيعَاد , وَقَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ , وَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ , قَالَتْ : قَدْ رَضِيت ; ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا مُنْكَرًا , وَوَجَدَ رِيحًا مُنْتِنَة , فَقَالَ : وَمَا هَذِهِ الرِّيح يَا جَبْرَائِيل وَمَا هَذَا الصَّوْت ؟ " قَالَ : هَذَا صَوْت جَهَنَّم , تَقُول : يَا رَبّ آتِنِي مَا وَعَدْتنِي , فَقَدْ كَثُرَتْ سَلَاسِلِي وَأَغْلَالِي , وَسَعِيرِي وَجَحِيمِي , وَضَرِيعِي وَغَسَّاقِي , وَعَذَابِي وَعِقَابِي , وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي وَاشْتَدَّ حَرِّي , فَآتِنِي مَا وَعَدْتنِي , قَالَ : لَك كُلّ مُشْرِك وَمُشْرِكَة , وَكَافِر وَكَافِرَة , وَكُلّ خَبِيث وَخَبِيثَة , وَكُلّ جَبَّار لَا يُؤْمِن بِيَوْمِ الْحِسَاب , قَالَتْ : قَدْ رَضِيت ; قَالَ : ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَيْت الْمَقْدِس , فَنَزَلَ فَرَبَطَ فَرَسه إِلَى صَخْرَة , ثُمَّ دَخَلَ فَصَلَّى مَعَ الْمَلَائِكَة ; فَلَمَّا قُضِيَتْ الصَّلَاة . قَالُوا : يَا جَبْرَائِيل مَنْ هَذَا مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد , فَقَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّه مِنْ أَخ وَمِنْ خَلِيفَة , فَنِعْمَ الْأَخ وَنِعْمَ الْخَلِيفَة , وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ ; قَالَ : ثُمَّ لَقِيَ أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء فَأَثْنَوْا عَلَى رَبّهمْ , فَقَالَ إِبْرَاهِيم : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي اِتَّخَذَنِي خَلِيلًا وَأَعْطَانِي مُلْكًا عَظِيمًا , وَجَعَلَنِي أُمَّة قَانِتًا لِلَّهِ يُؤْتَمّ بِي , وَأَنْقَذَنِي مِنْ النَّار , وَجَعَلَهَا عَلَيَّ بَرْدًا وَسَلَامًا ; ثُمَّ إِنَّ مُوسَى أَثْنَى عَلَى رَبّه فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي كَلَّمَنِي تَكْلِيمًا , وَجَعَلَ هَلَاك آل فِرْعَوْن وَنَجَاة بَنِي إِسْرَائِيل عَلَى يَدَيَّ , وَجَعَلَ مِنْ أُمَّتِي قَوْمًا يُهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ; ثُمَّ إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام أَثْنَى عَلَى رَبّه , فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي مُلْكًا عَظِيمًا وَعَلَّمَنِي الزَّبُور , وَأَلَانَ لِي الْحَدِيد , وَسَخَّرَ لِي الْجِبَال يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْر , وَأَعْطَانِي الْحِكْمَة وَفَصْل الْخِطَاب ; ثُمَّ إِنَّ سُلَيْمَان أَثْنَى عَلَى رَبّه , فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لِي الرِّيَاح , وَسَخَّرَ لِي الشَّيَاطِين , يَعْمَلُونَ لِي مَا شِئْت مِنْ مَحَارِيب وَتَمَاثِيل وَجِفَان كَالْجَوَابِ , وَقُدُور رَاسِيَات , وَعَلَّمَنِي مَنْطِق الطَّيْر , وَآتَانِي مِنْ كُلّ شَيْء فَضْلًا , وَسَخَّرَ لِي جُنُود الشَّيَاطِين وَالْإِنْس وَالطَّيْر , وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِير مِنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ , وَآتَانِي مُلْكًا عَظِيمًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي , وَجَعَلَ مُلْكِي مُلْكًا طَيِّبًا لَيْسَ عَلَيَّ فِيهِ حِسَاب ; ثُمَّ إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَثْنَى عَلَى رَبّه , فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي كَلِمَته وَجَعَلَ مَثَلِي مَثَل آدَم خَلْقه مِنْ تُرَاب , ثُمَّ قَالَ لَهُ : كُنْ فَيَكُون , وَعَلَّمَنِي الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَالتَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , وَجَعَلَنِي أَخْلُق مِنْ الطِّين هَيْئَة الطَّيْر , فَأَنْفُخ فِيهِ , فَيَكُون طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّه , وَجَعَلَنِي أُبْرِئ الْأَكَمَة وَالْأَبْرَص , وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّه , وَرَفَعَنِي وَطَهَّرَنِي , وَأَعَاذَنِي وَأُمِّي مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم , فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْنَا سَبِيل ; قَالَ : ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْنَى عَلَى رَبّه , فَقَالَ : " كُلّكُمْ أَثْنَى عَلَى رَبّه , وَأَنَا مُثْنٍ عَلَى رَبِّي " , فَقَالَ : " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَنِي رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ , وَكَافَّة لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا , وَأَنْزَلَ عَلَيَّ الْفُرْقَان فِيهِ تِبْيَان كُلّ شَيْء , وَجَعَلَ أُمَّتِي خَيْر أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ , وَجَعَلَ أُمَّتِي وَسَطًا , وَجَعَلَ أُمَّتِي هُمْ الْأَوَّلُونَ وَهُمْ الْآخِرُونَ , وَشَرَحَ لِي صَدْرِي , وَوَضَعَ عَنِّي وِزْرِي وَرَفَعَ لِي ذِكْرِي , وَجَعَلَنِي فَاتِحًا خَاتَمًا " قَالَ إِبْرَاهِيم : بِهَذَا فَضَلَكُمْ مُحَمَّد - قَالَ : أَبُو جَعْفَر : وَهُوَ الرَّازِيّ : خَاتَم النُّبُوَّة , وَفَاتِح بِالشَّفَاعَةِ يَوْم الْقِيَامَة - ثُمَّ أَتَى إِلَيْهِ بِآنِيَةٍ ثَلَاثَة مُغَطَّاة أَفْوَاههَا , فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ مِنْهَا فِيهِ مَاء , فَقِيلَ : اِشْرَبْ , فَشَرِبَ مِنْهُ يَسِيرًا ; ثُمَّ دُفِعَ إِلَيْهِ إِنَاء آخَر فِيهِ لَبَن , فَقِيلَ لَهُ : اِشْرَبْ , فَشَرِبَ مِنْهُ حَتَّى رُوِيَ ; ثُمَّ دُفِعَ إِلَيْهِ إِنَاء آخَر فِيهِ خَمْر , فَقِيلَ لَهُ : اِشْرَبْ , فَقَالَ : " لَا أُرِيدهُ قَدْ رُوِيت " فَقَالَ لَهُ جَبْرَائِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا إِنَّهَا سَتُحَرَّمُ عَلَى أُمَّتك , وَلَوْ شَرِبْت مِنْهَا لَمْ يَتْبَعك مِنْ أُمَّتك إِلَّا الْقَلِيل , ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا , فَاسْتَفْتَحَ جَبْرَائِيل بَابًا مِنْ أَبْوَابهَا , فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جَبْرَائِيل , قِيلَ : وَمَنْ مَعَك ؟ فَقَالَ : مُحَمَّد , قَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ , قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّه مِنْ أَخ وَمِنْ خَلِيفَة , فَنِعْمَ الْأَخ وَنِعْمَ الْخَلِيفَة , وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ ; فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ تَامّ الْخَلْق لَمْ يَنْقُص مِنْ خَلْقه شَيْء , كَمَا يَنْقُص مِنْ خَلْق النَّاس , عَلَى يَمِينه بَاب يَخْرُج مِنْهُ رِيح طَيِّبَة , وَعَنْ شِمَاله بَاب يَخْرُج مِنْهُ رِيح خَبِيثَة , إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَاب الَّذِي عَنْ يَمِينه ضَحِكَ وَاسْتَبْشَرَ , وَإِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَاب الَّذِي عَنْ شِمَاله بَكَى وَحَزِنَ , فَقُلْت : " يَا جَبْرَائِيل مَنْ هَذَا الشَّيْخ التَّامّ الْخَلْق الَّذِي لَمْ يَنْقُص مِنْ خَلْقه شَيْء , وَمَا هَذَانِ الْبَابَانِ ؟ " قَالَ : هَذَا أَبُوك آدَم , وَهَذَا الْبَاب الَّذِي عَنْ يَمِينه بَاب الْجَنَّة , إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ يَدْخُلهُ مِنْ ذُرِّيَّته ضَحِكَ وَاسْتَبْشَرَ , وَالْبَاب الَّذِي عَنْ شِمَاله بَاب جَهَنَّم , إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ يَدْخُلهُ مِنْ ذُرِّيَّته بَكَى وَحَزِنَ ; ثُمَّ صَعِدَ بِهِ جَبْرَائِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَاسْتَفْتَحَ , فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جَبْرَائِيل , قِيلَ : وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد رَسُول اللَّه , فَقَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّه مِنْ أَخ وَمِنْ خَلِيفَة , فَنِعْمَ الْأَخ وَنِعْمَ الْخَلِيفَة , وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ , قَالَ : فَإِذَا هُوَ بِشَابَّيْنِ , فَقَالَ : " يَا جَبْرَائِيل مَنْ هَذَانِ الشَّبَّانِ ؟ " قَالَ : هَذَا عِيسَى اِبْن مَرْيَم , وَيَحْيَى بْن زَكَرِيَّا اِبْنَا الْخَالَة , قَالَ : فَصَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة , فَاسْتَفْتَحَ , فَقَالُوا : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جَبْرَائِيل , قَالُوا : وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد , قَالُوا : أَوَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّه مِنْ أَخ وَمِنْ خَلِيفَة , فَنِعْمَ الْأَخ وَنِعْمَ الْخَلِيفَة , وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ , قَالَ : فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ فَضَلَ عَلَى النَّاس كُلّهمْ فِي الْحُسْن , كَمَا فَضَلَ الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر عَلَى سَائِر الْكَوَاكِب , قَالَ : " مَنْ هَذَا يَا جَبْرَائِيل الَّذِي فَضَلَ عَلَى النَّاس فِي الْحُسْن ؟ " قَالَ : هَذَا أَخُوك يُوسُف ; ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة , فَاسْتَفْتَحَ , فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ جَبْرَائِيل , قَالُوا : وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد , قَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّه مِنْ أَخ وَمِنْ خَلِيفَة , فَنِعْمَ الْأَخ وَنِعْمَ الْخَلِيفَة , وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ ; قَالَ : فَدَخَلَ , فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ , قَالَ : " مَنْ هَذَا يَا جَبْرَائِيل ؟ " قَالَ : هَذَا إِدْرِيس رَفَعَهُ اللَّه مَكَانًا عَلِيًّا . ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة , فَاسْتَفْتَحَ جَبْرَائِيل , فَقَالُوا : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : جَبْرَائِيل , قَالُوا : وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد , قَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّه مِنْ أَخ وَمِنْ خَلِيفَة , فَنِعْمَ الْأَخ وَنِعْمَ الْخَلِيفَة , وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ ; ثُمَّ دَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ جَالِس وَحَوْله قَوْم يَقُصّ عَلَيْهِمْ , قَالَ : " مَنْ هَذَا يَا جَبْرَائِيل وَمَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَوْله ؟ " قَالَ : هَذَا هَارُون الْمُحَبَّب فِي قَوْمه , وَهَؤُلَاءِ بَنُو إِسْرَائِيل ; ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة , فَاسْتَفْتَحَ جَبْرَائِيل , فَقِيلَ لَهُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جَبْرَائِيل , قَالُوا : وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد , قَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّه مِنْ أَخ وَمِنْ خَلِيفَة , فَنِعْمَ الْأَخ وَنِعْمَ الْخَلِيفَة , وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ ; فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ جَالِس , فَجَاوَزَهُ , فَبَكَى الرَّجُل , فَقَالَ : " يَا جَبْرَائِيل مَنْ هَذَا ؟ " قَالَ : مُوسَى , قَالَ : " فَمَا بَاله يَبْكِي ؟ " قَالَ : تَزْعُم بَنُو إِسْرَائِيل أَنِّي أَكْرَم بَنَى آدَم عَلَى اللَّه , وَهَذَا رَجُل مِنْ بَنِي آدَم قَدْ خَلَفَنِي فِي دُنْيَا , وَأَنَا فِي أُخْرَى , فَلَوْ أَنَّهُ بِنَفْسِهِ لَمْ أُبَالِ , وَلَكِنَّ مَعَ كُلّ نَبِيّ أُمَّته ; ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة , فَاسْتَفْتَحَ جَبْرَائِيل , فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جَبْرَائِيل , قَالُوا : وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ : مُحَمَّد , قَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّه مِنْ أَخ وَمِنْ خَلِيفَة , فَنِعْمَ الْأَخ وَنِعْمَ الْخَلِيفَة , وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ , قَالَ : فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَشْمَط جَالِس عِنْد بَاب الْجَنَّة عَلَى كُرْسِيّ , وَعِنْده قَوْم جُلُوس بِيض الْوُجُوه , أَمْثَال الْقَرَاطِيس , وَقَوْم فِي أَلْوَانهمْ شَيْء , فَقَامَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانهمْ شَيْء , فَدَخَلُوا نَهَرًا فَاغْتَسَلُوا فِيهِ , فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ , مِنْ أَلْوَانهمْ شَيْء , ثُمَّ دَخَلُوا نَهَرًا آخَر , فَاغْتَسَلُوا فِيهِ , فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ , مِنْ أَلْوَانهمْ شَيْء , ثُمَّ دَخَلُوا نَهَرًا آخَر فَاغْتَسَلُوا فِيهِ , فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ , أَلْوَانهمْ شَيْء , فَصَارَتْ مِثْل أَلْوَان أَصْحَابهمْ , فَجَاءُوا فَجَلَسُوا إِلَى أَصْحَابهمْ , فَقَالَ : " يَا جَبْرَائِيل مَنْ هَذَا الْأَشْمَط , ثُمَّ مَنْ هَؤُلَاءِ الْبِيض وُجُوههمْ , وَمَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانهمْ شَيْء , وَمَا هَذِهِ الْأَنْهَار الَّتِي دَخَلُوا , فَجَاءُوا وَقَدْ صَفَتْ أَلْوَانهمْ ؟ " قَالَ : هَذَا أَبُوك إِبْرَاهِيم أَوَّل مَنْ شَمِطَ عَلَى الْأَرْض , وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الْبِيض الْوُجُوه : فَقَوْم لَمْ يَلْبَسُوا إِيمَانهمْ بِظُلْمٍ , وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ . فِي أَلْوَانهمْ شَيْء , فَقَوْم خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَر سَيِّئًا , فَتَابُوا , فَتَابَ اللَّه عَلَيْهِمْ , وَأَمَّا الْأَنْهَار : فَأَوَّلهَا رَحْمَة اللَّه , وَثَانِيهَا : نِعْمَة اللَّه , وَالثَّالِث : سَقَاهُمْ رَبّهمْ شَرَابًا طَهُورًا ; قَالَ : ثُمَّ اِنْتَهَى إِلَى السِّدْرَة , فَقِيلَ لَهُ : هَذِهِ السِّدْرَة يَنْتَهِي إِلَيْهَا كُلّ أَحَد خَلَا مِنْ أُمَّتك عَلَى سُنَّتك , فَإِذَا هِيَ شَجَرَة يَخْرُج مِنْ أَصْلهَا أَنْهَار مِنْ مَاء غَيْر آسِن , وَأَنْهَار مِنْ لَبَن لَمْ يَتَغَيَّر طَعْمه , وَأَنْهَار مِنْ خَمْر لَذَّة لِلشَّارِبِينَ , وَأَنْهَار مِنْ عَسَل مُصَفًّى , وَهِيَ شَجَرَة يَسِير الرَّاكِب فِي ظِلّهَا سَبْعِينَ عَامًا لَا يَقْطَعهَا , وَالْوَرَقَة مِنْهَا مُغَطِّيَة لِلْأُمَّةِ كُلّهَا , قَالَ : فَغَشِيَهَا نُور الْخَلَّاق عَزَّ وَجَلَّ , وَغَشِيَتْهَا الْمَلَائِكَة أَمْثَال الْغِرْبَان حِين يَقَعْنَ عَلَى الشَّجَرَة , قَالَ : فَكَلَّمَهُ عِنْد ذَلِكَ , فَقَالَ لَهُ : سَلْ , فَقَالَ : " اِتَّخَذْت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا , وَأَعْطَيْته مُلْكًا عَظِيمًا , وَكَلَّمْت مُوسَى تَكْلِيمًا , وَأَعْطَيْت دَاوُدَ مُلْكًا عَظِيمًا , وَأَلَنْت لَهُ الْحَدِيد , وَسَخَّرْت لَهُ الْجِبَال , وَأَعْطَيْت سُلَيْمَان مُلْكًا عَظِيمًا , وَسَخَّرْت لَهُ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّيَاطِين , وَسَخَّرْت لَهُ الرِّيَاح , وَأَعْطَيْته مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْده , وَعَلَّمْت عِيسَى التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , وَجَعَلْته يُبْرِئ الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص , وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّه , وَأَعَذْته وَأُمّه مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم , فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمَا سَبِيل " . فَقَالَ لَهُ رَبّه : قَدْ اِتَّخَذْتُك حَبِيبًا وَخَلِيلًا , وَهُوَ مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة : حَبِيب اللَّه ; وَأَرْسَلْتُك إِلَى النَّاس كَافَّة بَشِيرًا وَنَذِيرًا , وَشَرَحْت لَك صَدْرك , وَوَضَعْت عَنْك وِزْرك , وَرَفَعْت لَك ذِكْرك , فَلَا أُذْكَر إِلَّا ذُكِرْت مَعِي , وَجَعَلْت أُمَّتك أُمَّة وَسَطًا , وَجَعَلْت أُمَّتك هُمْ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ , وَجَعَلْت أُمَّتك لَا تَجُوز لَهُمْ خُطْبَة , حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّك عَبْدِي وَرَسُولِي , وَجَعَلْت مِنْ أُمَّتك أَقْوَامًا قُلُوبهمْ أَنَاجِيلهمْ , وَجَعَلْتُك أَوَّل النَّبِيِّينَ خَلْقًا , وَآخِرهمْ بَعْثًا , وَأَوَّلهمْ يُقْضَى لَهُ , وَأَعْطَيْتُك سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي , لَمْ يُعْطَهَا نَبِيّ قَبْلك , وَأَعْطَيْتُك الْكَوْثَر , وَأَعْطَيْتُك ثَمَانِيَة أَسْهُم الْإِسْلَام وَالْهِجْرَة , وَالْجِهَاد , وَالصَّدَقَة , وَالصَّلَاة , وَصَوْم رَمَضَان , وَالْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ , وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر , وَجَعَلْتُك فَاتِحًا وَخَاتَمًا , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَضَّلَنِي رَبِّي بِسِتٍّ : أَعْطَانِي فَوَاتِح الْكَلِم وَخَوَاتِيمه , وَجَوَامِع الْحَدِيث , وَأَرْسَلَنِي إِلَى النَّاس كَافَّة بَشِيرًا وَنَذِيرًا , وَقَذَفَ فِي قُلُوب عَدُوِّي الرُّعْب مِنْ مَسِيرَة شَهْر , وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِم وَلَمْ تُحَلّ لِأَحَدٍ قَبْلِي , وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْض كُلّهَا طَهُورًا وَمَسْجِدًا , قَالَ : وَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاة " ; فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُوسَى , قَالَ : بِمَ أُمِرْت يَا مُحَمَّد , قَالَ : " بِخَمْسِينَ صَلَاة " , قَالَ : اِرْجِعْ إِلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف , فَإِنَّ أُمَّتك أَضْعَف الْأُمَم , فَقَدْ لَقِيت مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل شِدَّة , قَالَ : فَرَجَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَبّه فَسَأَلَهُ التَّخْفِيف , فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا , ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى , فَقَالَ : بِكَمْ أُمِرْت ؟ قَالَ : " بِأَرْبَعِينَ " , قَالَ : اِرْجِعْ إِلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف , فَإِنَّ أُمَّتك أَضْعَف الْأُمَم , وَقَدْ لَقِيت مِنْ بَنَى إِسْرَائِيل شِدَّة , قَالَ : فَرَجَعَ إِلَى رَبّه , فَسَأَلَهُ التَّخْفِيف , فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا , فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى , فَقَالَ : بِكَمْ أُمِرْت ؟ قَالَ : " أُمِرْت بِثَلَاثِينَ " , فَقَالَ لَهُ مُوسَى : اِرْجِعْ إِلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف , فَإِنَّ أُمَّتك أَضْعَف الْأُمَم , وَقَدْ لَقِيت مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل شِدَّة , قَالَ : فَرَجَعَ إِلَى رَبّه فَسَأَلَهُ التَّخْفِيف , فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا , فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ : بِكَمْ أُمِرْت ؟ قَالَ : " بِعِشْرِينَ " , قَالَ : اِرْجِعْ إِلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف , فَإِنَّ أُمَّتك أَضْعَف الْأُمَم , وَقَدْ لَقِيت مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل شِدَّة , قَالَ : فَرَجَعَ إِلَى رَبّه فَسَأَلَهُ التَّخْفِيف , فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا , فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى , فَقَالَ : بِكَمْ أُمِرْت ؟ قَالَ : " بِعَشْرٍ " , قَالَ : اِرْجِعْ إِلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ التَّحْفِيف , فَإِنَّ أُمَّتك أَضْعَف الْأُمَم , وَقَدْ لَقِيت مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل شِدَّة , قَالَ : فَرَجَعَ عَلَى حَيَاء إِلَى رَبّه فَسَأَلَهُ التَّخْفِيف , فَوَضَعَ عَنْهُ خَمْسًا , فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى , فَقَالَ : بِكَمْ أُمِرْت ؟ قَالَ : " بِخَمْسٍ " , قَالَ : اِرْجِعْ إِلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف , فَإِنَّ أُمَّتك أَضْعَف الْأُمّ , وَقَدْ لَقِيت مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل شِدَّة , قَالَ : " قَدْ رَجَعْت إِلَى رَبِّي حَتَّى اِسْتَحْيَيْت فَمَا أَنَا رَاجِع إِلَيْهِ " , فَقِيلَ لَهُ : أَمَا إِنَّك كَمَا صَبَرْت نَفْسك عَلَى خَمْس صَلَوَات فَإِنَّهُنَّ يَجْزِينَ عَنْك خَمْسِينَ صَلَاة فَإِنَّ كُلّ حَسَنَة بِعَشْرِ أَمْثَالهَا , قَالَ : فَرَضِيَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلّ الرِّضَا ,
يوجد تكملة للموضوع ... [0][1]

كتب عشوائيه

  • رسالة رمضانرسالة رمضان: عبارة عن دراسة عامة شاملة لركن عظيم من أركان الإسلام: ألا وهو صوم رمضان المعظم، فهي دراسة علمية تتبع جزئيات هذه العبادة وكلياتها، فلا تغفل ناحية من نواحيها الحكمية والعلمية، بل تتناولها بإسلوب سهل، وعبارة مبسطة واضحة، تدركها العقول على تفاوتها، وتتناولها الأفهام على أختلافها بحيث يتصفحها المسلم - ومهما كانت ثقافته - فيعرف عن هذه العبادة ما ينبغي أن يعرفه كل مسلم عنها.

    المؤلف : أبو بكر جابر الجزائري

    الناشر : دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2608

    التحميل :

  • صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلمصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: رسالة قيمة تشرح كيفية صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً بأسلوب سهل، مع ذكر الدليل.

    المؤلف : محمد بن صالح العثيمين

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1963

    التحميل :

  • إيمان المشركين وتصديقهم بالله في ضوء قوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}إيمان المشركين وتصديقهم بالله: قال المؤلف: «فهذا بحثٌ مختصرٌ في دراسة معنى قول الله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف: 106] أحببتُ المشاركة في جمع ما ذكره أهل العلم حول هذه الآية لمسيس الحاجة إلى بيان ما فيها من تقرير التوحيد وأنواعه، والرد على المشركين، والرد على من يجعل الغاية في التوحيد هو الإقرار بالربوبية».

    المؤلف : فهد بن سليمان بن إبراهيم الفهيد

    الناشر : الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/331932

    التحميل :

  • التعليقات على كشف الشبهاتكشف الشبهات: رسالة نفيسة كتبها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وهي عبارة عن سلسلة شبهات للمشركين وتفنيدها وإبطالها، وفيها بيان توحيد العبادة وتوحيد الألوهية الذي هو حق الله على العباد، وفيها بيان الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية والعبادة، وقد عدد من أهل العلم بشرحها وبيان مقاصدها، وفي هذه الصفحة كتاب التعليقات على كشف الشبهات، والذي جمع فيه مؤلفه الشيخ عبد الله بن صالح القصير العديد من الفوائد.

    المؤلف : عبد الله بن صالح القصير

    الناشر : شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/305091

    التحميل :

  • القصد السديد على كتاب التوحيدكتاب التوحيد: كتاب عظيم النفع في بابه، بين فيه مؤلفه - رحمه الله - التوحيد وفضله، وما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر والبدع؛ لذلك حرص العلماء على شرحه، ومن هذه الشروح كتاب القصد السديد على كتاب التوحيد للشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك - رحمه الله -، وقد تميّز هذا الشرح عن غيره من الشروح بعدة ميزات منها : • عناية الشارح - رحمه الله - بشرح أبواب الكتاب. • عناية الشارح بتفسير الآيات القرآنية الواردة في متن كتاب التوحيد، وهذا ليس بغريب على عالِم له باعٌ طويل في التفسير. • انتقاؤه - رحمه الله - بعض مسائل كتاب التوحيد وبثها في ثنايا الشرح. • توسُّط هذا الشرح فهو ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل. • سهولة عبارة الشارح ووضوحها مما يجعل كتابه مناسباً لطلبة العلم على اختلاف مستوياتهم. • تضمن هذا الشرح بعض الفوائد والزوائد التي لا توجد في الشروح الأخرى.

    المؤلف : فيصل بن عبد العزيز آل مبارك

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2543

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share